سمير دبوق … عاشق “الساحل” وحامل همومه إنطلق لاعباً واجتهد إدارياً وحلّق رئيساً استثنائياً
* كتب الزميل إبراهيم وزنه (ينشر تزامنا” مع الزميلة جريدة البناء في عدد اليوم الثلاثاء 17 آب 2021):
فرض سمير دبوق (رئيس نادي شباب الساحل منذ العام 2016) إسمه بأحرف من عطاء وإخلاص على الساحة الرياضية عموماً والكروية خصوصاً، تميّز الرجل عن كثير من رؤساء الأندية من منطلق تدرّجه في “الساحل” ميدانياً، من لاعب ناشىء إلى واعد وصولاً إلى الفريق الأول، ومسيرة التدرّج التصاعدي رافقته في المواقع الإدارية أيضاً، فمن إداري لوجستي إلى مسؤول عن الفئات العمرية إلى عضو في الهيئة العامة فنائب رئيس وصولاً إلى موقع الرئاسة، وكونه شخصية رياضية استثنائية، لها بصمات من التعاون والتألق والعطاء في أكثر من اتجاه، كان لابدّ من تسليط الضوء على كافة جوانبها، إليكم التفاصيل:
* العائلة والولادة والنشأة
أبصر سمير دبوق النور في حارة حريك في السادس من شهر كانون الثاني من العام 1966 (نفس العام الذي تأسس فيه نادي شباب الساحل)، وهو الابن البكر لصلاح الدين محمد مصطفى دبوق، الذي رُزق بعد سمير، وسيم وعلي وسارية. وهنا لا بدّ من الاشارة إلى أن عائلة دبوق “الصورية” إنتقلت إلى حارة حريك في العام 1948 وبقيت محافظة على سجلاتها (15 ـ صور حي الجامع)، وما زاد في حيثية العائلة في حارة حريك مصاهراتها المتعددة لآل علامة، إحدى أكبر العائلات في المتن الجنوبي الموزّعة على الغبيري وحارة حريك وبرج البراجنة، ومنها العديد من الفعاليات والاعلام على أكثر من صعيد. أما في الحديث عن آل دبوق، فهم اقتحموا مجالات التجارة العامة في أكثر من مجال، علماً بأن جد العائلة محمد مصطفى دبوق الذي توفّي في العام 1961 ودُفن بناء لوصيته في صور، وكذلك حال أبنائه المتوفّين من بعده كان قد أنجب 22 ولداً، وهكذا نشأ سمير دبوق مستنداً إلى دعم عائلي متنوّع وفاعل وداعم.
* الملاعب الأولى … والإعتزال المبكر
في مدرسته الأولى، قصر الصنوبر (حيث الموقف الخاص بمستشفى الساحل حالياً) أنجذب سمير دبوق إلى لعبة كرة القدم، فالمدرسة تقع على تخوم ملعب نادي شباب الساحل الأول (حيث ثانوية المصطفى في حارة حريك)، ومنزل العائلة أكثر قرباً للملعب من المدرسة، … حيال ذلك، تعلّق دبوق بالفريق وحفظ أسماء لاعبيه وواكبهم في مبارياتهم الودية والرسمية، ومن رفاقه في فريق المدرسة يذكر: “هيثم ووائل درغام وابراهيم كرنيب وربيع حمود وهيثم الخطيب ووسام دبوق وكميل حمود وعلي شحرور وربيع فياض، وكان أستاذ الرياضة عكرمة العبد أحد أبرز لاعبي كرة اليد في لبنان”. ويتابع دبوق مستذكراً خطواته الأولى في الملاعب: “إنتسبت إلى ناشئي شباب الساحل في العام 1980، لعبت في مركز الظهير الأيمن، وتدرّجت في فرق النادي تحت إشراف فؤاد الأتات، والذي عدت وعملت معه لاحقاً إلى جانب المرحوم محمد المقداد في تدريب ورعاية فرق الفئات العمرية، أما أولى مبارياتي مع الفريق الأول فكانت في العام 1986 على ملعب الصفاء، وكان من ضمن الفريق محمد خير الدين وجعفر رسلان ومحمود علامة وخضر سليم وحسين الأسعد، وبقيت ألعب بشغف ورغبة في تطوير إمكانياتي حتى العام 1988 حيث أجبرتني الإصابة بطلق ناري عن طريق الخطأ للابتعاد عن الملاعب، يومها رضخت لفترة علاج طويلة إمتدت لستة أشهر، وأذكر أنني تدرّبت على يد العديد من المدرّبين كفوزي كنج وعادل سليم رحمهما الله وسهيل رحال الذي درّب الساحل لموسمين وغيرهم”. وفي الحديث عن مباراة عالقة في ذاكرته، يجيب دبوق:”في العام 1988 وعندما كنا نلعب ضد فريق الصفاء على ملعبه في وطى المصيطبة ضمن دورة الأضحى، فجأة إشتد القصف وسقطت بعض القذائف بالقرب من الملعب، فتعطّلت المباراة وغادرنا الملعب سريعاً” ليستدرك مضيفاً:” ولعبت أيضاً ضمن صفوف منتخب الجامعة العربية حيث تخرّجت في العام 1988 مجازاً في إدارة الأعمال، كان يشرف على الفريق الأستاذ عدنان حمود شقيق مدرب شباب الساحل الحاج محمود حمود”.
وإنطلاقاً من حبّه لكرة القدم وتشجيعه أولاده على خوض ميادينها، إنخرط أبناء الكابتن سمير في أكاديمية نادي شباب الساحل وكذلك أبناء شقيقيه وسيم وعلي، فيما نجح إبنه الكبير محمد باللعب ضمن صفوف الفريق الأول في العام 2021 ، فكان أصغر اللاعبين في الفريق، حيث لم يتجاوز الـ 16 من عمره. وعلى صعيد آخر، لم يزل سمير دبوق يمارس كرة القدم من خلال مشاركته في بعض المباريات الخاصة التي تحمل في طيّاتها عناوين ومناسبات وطنية جامعة، وفي كثير من الأحيان يشارك في تمارين فريقه الأول.
* الإنتقال إلى الموقع الاداري
“حبّي للنادي شجّعني على مواصلة مسيرتي الساحلية من خلال التوجّه إلى العمل اللوجستي والاداري، في مهمتي الأولى بعد الاعتزال لم أشأ الابتعاد عن الملاعب، درّبت الصغار ومن مجموعتي تلك أذكر حسنين دعبول وأحمد الصفح، وفي نفس الوقت كنت أشعر بالسعادة عندما أنقل لاعبي فرق الفئات العمرية بسيارتي لخوض المباريات، في تلك الفترة لطالما دفعني تعلّقي بالنادي إلى تقديم الوقت والمال والجهد”، ويكمل دبوق حول سيرته الادارية: “بعد سنوات من عضويتي في الجمعية العمومية مع أخوتي وأخوالي أنتخبت عضواً في الهيئة الادارية للنادي في العام 1990 ، أذكر يومها شعرت بارتقاء في مستوى المسؤولية تجاه النادي الذي أحب، فتمّ تعييني مديراً للنادي وبعد فترة أنتخبت نائباً للرئيس وفي ولاية لاحقة أميناً للسر ثم استلمت دفّة الرئاسة في العام 2016 ولم أزل”. وعندما سألته عن سبب تلويحه بالاستقالة ذات مرّة، أجاب:”هي مرّة واحدة فقط، يومها وجدت نفسي متصدياً للأعباء وحيداً … وهنا المنطق يفرض نفسه، لكي يستمر النادي ويتطوّر لا بدّ من توفّر المال اللازم”.
* مواقف ومحطّات “ساحلية”
ردّاً على مقولة “الساحل فريق عائلي وإطاره محدد جغرافياً” أجاب دبوق: “أرفض هذا الرأي جملة وتفصيلاً، نادينا ممتد على مساحة كل لبنان، وأبوابنا مشرّعة لكل راغب ومحبّ، مع اعتزازي بالرئاسة الفخرية لنادينا من قبل الامام المغيّب موسى الصدر، والحمدلله من أهم نقاط القوة في نادينا أننا على قلب واحد مع العزيزين الأستاذ جلال علامة والنائب الصديق ـ رئيس النادي في أيام الضيق ـ فادي علامة، فالتفاهم سيّد الموقف ومع التطوّر المستجد في الملعب حيث أصبح منشأة رياضية حديثة وبات وضعنا أفضل بكثير مما مضى، وهنا لابدّ من توجيه الشكر إلى كل المتعاونين لتحقيق هذا الحلم الذي راودنا مراراً وتكراراً، وفي مقدّمهم ميشال التحومي “أبو الشباب” والأصدقاء في بلديتي حارة حريك والغبيري .. لعبنا على الملعب الرملي لسنوات طويلة ولن ننسى تلك الأيّام بحلوها ومرّها، فالحلم تحوّل إلى واقع وأصبح الملعب ـ رغم اقتطاع جزء منه كموقف للسيارات لزوم الكنيسة ومناسباتها ـ يفي بالغرض ومقلعاً للتفريخ والبناء للمستقبل على أسس صلبة ومتينة … صرت أمضي معظم أوقاتي في الملعب، مواكباً ومتابعاً ، وتغمرني الفرحة عند متابعتي لطلاب الأكاديمية التي أنشأناها مؤخراً تحت إشراف نخبة من الاداريين والفنيين .. الحمدلله إنطلقت وتيرة العمل والتفريخ بقوّة ولا بدّ أن القطاف آت بالمواهب بعد سنوات عدّة … فأنتظرونا”.
وعندما يتكلّم سمير دبوق عن ذكرياته مع الأسماء الساحلية العالقة في عقله وقلبه، يسرح في البعيد مع إبتسامة الشوق للماضي الجميل، ليقول: “بالأمس غادرنا عادل سليم ثمّ تبعه حسني حاطوم ومصطفى دبوس (وافتهم المنية خلال شهر واحد من العام 2021)، ولا أنسى الأخوة جاد ومحمد عبد الفتاح رحمهم الله، بالاضافة إلى عدنان علامة وزهير صالح وقبلهم فيليب لارا وهاني وزنه وعلي قعيق وعادل درغام ورياض مراد وغيرهم … وجوههم عالقة في الوجدان ولن ننسى أفضالهم وكفاحهم وتألقهم، ووفاء لما قدّموه سنكمل الطريق بهمّة عالية وإخلاص دائم”.
ومن أكثر المشاهد الساحلية المحزنة التي يتذكرها دبوق آملاً أن لا تتكرر: “عندما كنا نسقط إلى الدرجة الثانية نتيجة التلاعب في النتائج في ملاعب أخرى! أما لحظات الفرح فأكثرها وضوحاً عندما أحرزنا كأس لبنان في العام 2000 وكأس النخبة في العام 2019 … والخير لقدّام إن شاء الله”.
وعن رؤيته للعمل الاداري، في ضوء إنتخابه رئيساً لاتحاد الركبي يونيون، أوضح: “أذا كانت الأمور منظّمة والمهام موزّعة بشكل جيد حتماً سيكون العمل الاداري رائع وسهل ومن دون إشكالات، أما إذا ساد النكد والتهرّب من المسؤوليات والتقاعس في العمل فلا شك بأن الأمور ستزداد سؤاً وستكون أسباب التراجع والسقوط وعدم التوفيق واضحة وليست بحاجة إلى تبرير أو تفصيل وشرح!” ليختم : “أشكر القيّمين على تشكيل الاتحادات من خلال التسويات التوافقية لتوافقهم على شخصي لرئاسة اتحاد الركبي يونيون”.
* صحبته مع النجوم العالميين
ومن خلال الفلفشة في صوره المنشورة على صفحته في الفايسبوك، يستوقف المتابع ما تقع عليه عيناه من صور تزيد عن الخمسين مع نجوم عالميين، حتى تخال دبوق لاعباً معهم أو من المقرّبين منهم، الصور وعفويتها تنبىء بالكثير وتخفي أكثر، وهنا يرد دبوق موضحاً: “من خلال الصديق سمير شمخا توطّدت علاقتي بكبار النجوم العالميين، وهذا ما شجعني على حضور المباريات العالمية وخصوصاً في الدوريات الايطالية والاسبانية والانكليزية والفرنسية” ، ولما سألناه عن أبرز صفات هؤلاء النجوم: كريستيانو رونالدو (مزّيح وسريع الضحك)، لويس سواريز (صاحب قلب طيّب)، ليونيل ميسي (متواضع وهادىء)، داني ألفيش (مهضوم وصاحب حركات وقريب من القلب)، غاريث بايل (جدّي).
* المحلّق في ميادين العمل
في ميادين البورصة، غالباً ما تكثر المخاطر ويرتفع مستوى القلق والأرق، وفي سوق العملات والذهب، تتلاعب الأسعار بالأعصاب والقلوب، وبالرغم من ذلك، فقد حلّق سمير دبوق في هذين المجالين من منطلق خبراته المتراكمة، وهو الذي أقتحم هذه الميادين شاباً طري العود، فماذا يخبرنا عن رحلته في عالم المال والأعمال؟
“بدأت العمل شاباً في مجال الصيرفة مع خالي علي علامة في محله في حارة حريك، هناك تمرّست جيّداً في مجال الصيرفة وتبادل العملات وتعرّفت على تفاصيل المهنة الحساسة واكتسبت خبرة عالية في التعامل مع الأسواق ومع الزبائن أيضاً، ولاحقاً إفتتحت مع أخوتي محلاً لبيع المجوهرات، ثمّ وفي العام 2000 إفتتحت شركتي الخاصة في سويسرا XPERT (تبادل عملات) وفي العام 2010 إفتتحنا مؤسستنا الخاصة في لبنان (شركة ACCURATE ـ شراء وتبادل العملات أيضاً) ومن ثمّ إفتتحنا في العام 2012 مؤسستنا الخاصة في قبرص (XGLOBAL) بادارة شقيقي علي.
* سؤال وجواب حول الكرة اللبنانية
سألت “أبو سمرا”، ماذا ينقص كرتنا اللبنانية لتتطور وترتقي إلى الأمام بشكل أسرع وأفضل، فأجاب: “ينقصها المال والملاعب، للأسف غابت الملاعب ذات العشب الطبيعي وهذا ينعكس سلباً على حركة تطوّر مستوى اللاعبين مستقبلاً، وأناشد الدولة عبر مؤسساتها المعنية إيلاء الرياضة ومتفرّعاتها الاهتمام الزائد، ففي ذلك خدمة لبناء المجتمع وصون الشباب من الانحرافات”.
* بطاقة خاصة
ـ سمير صلاح الدين دبوق
ـ تاريخ ومحل الولادة: 6 كانون الأول 1966 ـ حارة حريك
ـ الوضع العائلي: متأهل وله تسعة أولاد (6 صبيان و3 بنات).
ـ الوضع المهني: صاحب شركة ACCURATE (بورصة وتبادل عملات واستثمارات).
ـ الفريق والمركز: شباب الساحل ـ ظهير أيمن
ـ المواقع الادارية: رئيس نادي شباب الساحل ـ رئيس الاتحاد اللبناني للركبي يونيون.
ـ أفضل لاعب كرة في لبنان: جمال الخطيب.
ـ حكمتك في الحياة: الصديق المخلص هو من يصارحك بأخطائك لا من يجمّلها ليكسب رضاك.
* ملاحظة : سينشر هذا الموضوع في كتاب (وجوه وحكايا رياضية من لبنان) للزميل ابراهيم وزنه بعد أقل من عام وفيه اضاءات شاملة ووافية على اكثر من 40 شخصية رياضية متميزة في عالم الرياضة اللبنانية وليس في لعبة كرة القدم فقط ، مع تمنياتنا للزميل وزنه بالتوفيق في مسعاه التوثيقي الذي يصب في خدمة الاعلام الرياضي في لبنان